روايات

رواية غمرة عشقك الفصل الأول 1 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الفصل الأول 1 بقلم دهب عطية

رواية غمرة عشقك الجزء الأول

رواية غمرة عشقك البارت الأول

رواية غمرة عشقك
رواية غمرة عشقك

رواية غمرة عشقك الحلقة الأولى

كل حكاية تختلف عن الأخرى لكن المشاعر
محدده لا تتغير…(الرهبة)…..و (التأهب)….
الرهبة من الحقائق خلف كل حكاية….
وتأهب بعد ظهور اول خيوط الحكاية…
ومن هنا تبدأ البداية ، بداية كل حكاية !…..
#دهب عطية
كانت تتسطح على بطنها تلك السيدة الثرية وتغطي
جسدها بشرشفة بيضاء ولا يظهر منها إلا ظهرها
العاري……. وضعت ‘ سمر’ القليل من الزيوت المعطرة على يداها كانت زيوت ذات ماركة مشهورة لا يستعملها إلا المقتدرين او من هم مستواهم
يسمح لهم بالعناية باجسادهم بمبالغ تكفي
معيشة عشرة عائلات من مستواها هي !…..
إبتسمت بحزن وهي تمرر يداها برفق ومهاره على ظهر السيدة التي تاوهت بنعومة وهي تقول…..
“آآه…. ضهري وجعني اوي من كتر اللف هنا وهناك….
بصراحه ياسمر لولا إيدك اللي تتلف بحرير دي انا
كان زماني رقده على السرير…..” ضحكت بحنق
فهي تعاني دوماً من وجع الظهر وهذا بسبب ايام الشقاء في الماضي…… قبل ان تتزوج من ‘ماهر’
وتصبح سيدة وليست اي سيدة… بل هي
(رزان الشافعي) صاحبة اشهر (بيوتي سنتر)
للسيدات الراقيات اللواتي لهم مكانه وشهره واسعة
في المجتمع المخملي سوى هم او أزواجهن….
إبتسمت لها سمر بخفوت وبرغم من انها لم ترى ابتسامتها ولكنها اكملت بتلك البسمة الرقيقة…
“بعد الشر عليكي ياهانم……..ولم انتي تقعدي في البيت مين بس اللي هيمشي الشغل…..”
تنهدت رزان بسأم….
“شغل؟….يعني انا بعمل إيه….. مانا باجي اتلقح على المكتب لحد اخر اليوم……..”
“برضو وجودك مهم…..دا مالك……وبصراحه المال السايب بيعلم السرقه…..فاخدي بالك اكتر من
كده وحرصي….”
حركت رزان رأسها بحيرة وهي تحاول النظر لها…
“في حاجه حصلت في البيوتي سنتر ياسمر….”
“مش لازم حاجه تحصل عشان تحرصي……الحرص واجب برضو…..”

 

 

 

اومات لها وهي تقول بهدوء…..
“انتي هاتروحي النهاردة تستلمي مكان هاله ولا عفاف؟…..”
“لا انا هروح بكره عشان في كذا واحده من الهوانم بتوعنا جايين يعمله مساج ومدام سارة موصياني
اني قعد لحد الساعة اربعه عشان اعملها منكير…”
توسعت الابتسامة على ثغر رزان وهي تقول….
“بقه بيطلبوكي بالاسم ياسمر…..برافو عليكي ”
قالت سمر ببساطة…..
“امال ياهانم هي عشرة يوم …….انا بقالي معاكي اكتر من عشر سنين………”
اومات لها رزان وصمتت ولا تزال سمر تدلك ظهرها بهدوء وخفة بعد برهة سألتها رزان باهتمام…
“صحيح ياسمر نسيت اسألك انتي نقلتي لبيتكم الجديد……”
اومات لها وهي تخبرها….
“آآه الحمدلله من شهر كده….”
“وعلى كده احسن من البيت اللي كُنتو عايشين فيه….”
“مش احسن كتير…احنا مبعدناش كتير عن بيتنا القديم يعني فرق بينه وبين البيت الجديد
شارعين بس…..بس طبعاً احلى حاجه فيه انه
ملكنا مش إيجار ودي احسن حاجه عملتها من ساعة ماشتغلت اني خليت لامي بيت باسمها….اصلك متعرفيش احساس انك تبقي قعده في مكان مش ملكك……..مهدده تخرجي منه في اي وقت….بصراحه مفيش حاجه مضمونة……الحمدلله خلصنا…..”تنهدت وهي تجفف ظهر رزان من الزيوت…….
لاح على ثغر رزان ابتسامة حزينة وهي تعقب على حديث سمر….
“لا عرفه يعني إيه إيجار….امال انا آيه اللي خلاني
اطلب من ماهر شقه باسمي وبيوتي سنتر مالكي إلا
لو كُنت عارفه ومتأكده ان مفيش حاجه مضمونة فعلاً……”
أسبلت سمر عينيها بحرج وحزن عليها وهي تقول….
“انا أسفه…..مقصدتش حاجه من اللي قولته…..”
اومات لها رزان وهي تقول بشرود…..
“ولا كأنك سمعتي حاجه….انا الفترة دي بقيت بخرف كتير مع اي حد…..ومش عارفه ليه….”
تنحنحت سمر بحرج…
“يمكن من الـ…….”نظرت سمر لقنينة الخمر التي بجوار رزان…..ضحكت رزان باستخفاف…..
“دا دي احسن حاجه بعملها حالياً…..”
“بس يارزان هانم صحتك و……”
مدت لها رزان مبلغ مالي اكثر من المستحق
وهي تقول…
“خدي دول ياسمر…….وروحي….عشان انا دخله أنام……..شدي الباب وراكي… “اتجهت لغرفة نومها
وبين يدها قنينة النبيذ تتجرع منها باستمتاع….
تنهدت سمر بحزن عليها وشفقة ثم عادت عينيها مجدداً للمال بسعادة عنوة عنها تلك الأوراق تعني
لها ولعائلتها الكثير…….
“الحمدلله…….”وضعت المال في حقيبتها وغسلت يداها جيداً امام المرآة الامعة في تلك الغرفة الشاسعة الفارغة التي لا تستخدم إلا لعمل
المساج والتمارين الرياضية…..
ضحكت سمر باستخفاف…..
“والله دي اكبر من شقتنا الجديدة…..”تنهدت بالا مبالاة فهي على يقين ان الحياة لا تظلم احد ولكل شخصاً نصيب مما اكتسب…….
نظرت للمرأة الكبيرة التي تظهر جسدها ووجهها بأكمله….تاملت نفسها وهي ترتدي هذا البنطال
الجينز الأسود والذي يعتليه كنزة صيفية انيقة…..

 

 

 

جسدها ممشوق وفاتن…. قوامها متفجر الانوثى
بحلاوة شرقية تخطف عقول الرجال….
شعرها طويلا أسود متموج قليلاً يحكي عن تمرد أمرأه لاتزال صامده برغم من طوفان الحياة معها….
دققت النظر بوجهها الناعم….. عينيها سوداء جذابه
بها سحر طاغي برغم من ان لونها عاديا الا ان بهم شيء مُختلف يميزها ربما شراسة انثى من نوع آخر !… اهدابها ثقيلة وطويلة….. شفتيها مكتنزة…….. قسمات ملامحها جذابه وانثوية لأبعد حد………….
ارجعت شعرها للخلف وهي تدقق النظر اكثر لنفسها
ثم لم تلبث إلا قليل حتى رأت خلفها من يتطلع
عليها وينظر لها بشهوانية ماكرة……
شهقت بصدمة وهي تستدير لترمقه بقوة ونفور…
” انتَ…… مش تكح تخبط……… إيه… بتبصلي كدا
ليه…… “سالتها بضجر….
ابتسم الرجل بشهوانية وهو يقول بخبث….
“يعني مش عارفه…..”
“لا مش عارفه ومش عايزه اعرف… انا ماشيه…” حملت حقيبتها بحنق وهي تحاول الخروج من الغرفة
لكنه حاصرها وهو يقول بخشونة….
“مبترديش على تلفوناتي ليه؟……”
زفرت بحنق وهي تبعده عنها….
“ورد عليك ليه…. شغلي كله مع مراتك يا ماهر… بيه…” شددت على آخر كلمة لعله يفهم الفرق
بينهم وذكر زوجته في الكلام كان احد الأسباب لمحي مايريده…….
نظر لها لبرهة نظرة شامله قبل ان يقول بجوع…
“يخربيتك ياسمارة هو في جمال كده…..”
ابتسمت بسخرية وعقبت بسخط….
“فيه كتير……. دور بس وانتَ تلاقي……”
همس ماهر بخفوت بشع….
“ادور وانتي موجوده….. دي تيجي برضو….”
نظرت له سمر بحدة وهي تقول بصرامة….
“ماهر بيه ابعد عني وسبني في حالي…. انا ماليش في سكك بتاعتك دي طلعني من دماغك….”
هتف من تحت اسنانه وهو يراقب الباب المفتوح
عليهم……
“في اي يابت هو انا طلبك في الحرام… دا انا عايز اتجوزك على سنة الله ورسوله فيها حاجه دي…”
قالت باشمئزاز….
“آآه فيها انت راجل متجوز…. ومتجوز مين الست اللي بشتغل عندها اللي ساعدتني ووقفت جمبي زمان……. تفتكر انا ممكن اأذيها واخطف منها
جوزها…..يعني هي دي المكافئه اللي تستحقها مني……..انا مش كده………ولا عايز ابقى كده…”
قال بهوس مريض ولم يتأثر ولو للحظه بحديثها…
“بقولك إيه كل الهري ده ميلزمنيش….. انا هتجوزك يعني هتجوزك….انتي دخلتي دماغي ومش هسيبك
غير لم اخد اللي انا عايزه برضاكي او غصب عنك
فخليها برضاكي احسن…..ياسمارة….”قرص وجنتها
فدفعت يده وهي تخرج من الغرفة بل ومن الشقة
بأكملها…..

 

 

 

نزلت على السلالم بسرعة ودموعها تجري على وجنتيها…. كيف تحكي لرزان… وهل ستصدقها
وهل ماهر سيرحمها بعد ان تخبرها بطلبه السري
لها… وهل رزان ستبقيها في صالون التجميل التي تعمل به والذي هو احد ممتلكاتها…..
هزت راسها بتشتت كل شيءٍ سينتهي حين تعلم
رزان بالحقيقة… وأول شيءٍ سينتهي العمل
والمال الذي ياتي من خلفه…. لن تحصل على مرتب كهذا ولا على إكراميات كتلك… مستحيل ان توفر لها وظيفة اخرى تلك الامكانيات المادية وحتى ان كانت قليلة بنسبة لها هي افضل من الأقل من ذلك.. ولان المعيشة صعبة وغالية الثمن فهي اكثر الاشخاص إدراك وتقديس للعمل والمال باختصار لانهُ اهم وسائل الحياة لها !…
صعدت الحافلة الكبيرة وجلست على اقرب مقعد قابلها وهي تفكر بتشتت اكبر….. هتفت بداخلها بضياع…..
” مش لازم حد يعرف ياسمر…. انتي محتاجه الشغل ده عشان احمد وامك وخالك….. وانتي كمان…… مش لازم اقولها هفضل اماطل فيه كده لحد ما يزهق مني ويبعد……منك لله ياماهر ملقتش غيري… “زفرت وهي تنظر بجوارها لتجد رجل عجوز في عمر جدها يحدق بها وعلى محياه ابتسامة بلهاء…..
هتفت سمر بتوجس….
” في اي ياحاج…. ما تبص قدامك ياباااا مش
كده…. ”
ابتسم الرجل وسالها وهو لايزال يحدق بها…
“انتي متجوزه ياحلوه؟….”
اجابت بسخرية….
“لا……….. عندك عريس ليا….”
مشط الرجل شعره بيده وهو يقول بحماس
سمج…
“انا اهوه موجود…..”
نظرت له بدهشة وهي تقول بامتعاض….
“ياعم…. هي نقصه… روح حج ياحاج….. روح اتقي
الله في نفسك قال انا قال …….. على جمب ياسطا………”
نزلت من الحافلة ودخلت شارع مزدحم يحتوي على بعض المحلات والبائعين العارضين بضائعهم بجوار الطريق…….
صاحت سمر نحو بائعة الخضار…..
“ام ايهاب اتنين كيلو طماطم وكيلو بصل وربع فلفل
و بقولك إيه قطعيلي كرنبة معاكي وربطتين ملوخيه وحاسبي وانا جيالك……..”
قالت البائعة بمحبة….
“عيني ياسمر هعملهملك على ماتيجي..الا بالحق
امك عمله إيه في السُكنه الجديدة….”
“الحمدلله عيشين…….”
قالت البائعة بود….
“عقبال مانيجي نزور شقتك ياسمر…..”
“اول واحده يام ايهاب….”قالتها سمر وهي تتجه لمحل الجزار……
“كيلو لحمه يابو سعد……وقطع بذمة….”
مسك الرجل السكين واقترب من اللحمه المعلقة
وهو يقول لها بمراوغه….
“بذمه ياست البنات…..عامله إيه النهاردة…الشارع وسوق ملوش طعم من غيرك…..”
اجابته سمر ببرود…
“طب عينك على اللحمه لحسان ام سعد جايه علينا…..”
“إيه……. فين…..”نظر الرجل خلفه بهلع…ضحكت
سمر باستخفاف وهي تقول…..
“يارجل طالما بتخاف منها اوي كده بتبصبص
ليه………..عينك في الارض بعد كده…. ”
قال وهو ينظر لها بمراوغه….
“هو في حد يشوفك ويحط عينه في الارض برضو ياست البنات……”
قالت ببرود….
“آآه فيه الرجاله المحترمة اللي بتراعي ربنا في ست اللي معاه…..”
ضحك الرجل بسخرية….
“هما فين دول بذمتك قبلتي حد فيهم….”
“لا ما هما ماتو في الحرب بقه…. مش بقولك رجاله…”استدارت بعد ان اعطت له المال واخدت طلبها……هتف من خلف ظهرها وهو يضحك بسماجة…..
“مقبوله منك ياسمارة……… ابقي عدي…..”
“خلصتي يام ايهاب…..”اومات لها البائعه وهي تخبرها سعر الخضراوات اعطتها المال وهي تقول….
“بقولك اي مشوفتيش حنين النهاردة…..”
“شوفتها كانت راحه مع امها المستشفى….هتغسل كلى……. شكل النهاردة معادها…..”

 

 

 

غامت عين سمر بالحزن وهي تتذكر….
“آآه صحيح دي قيلالي…..خلاص هبقى اعدي عليها اخر النهار……..عايزه حاجه يام ايهاب…..”حملت الاكياس بين يداها الإثنين وهي تستقيم في
وقفتها…… اجابتها البائعة بود….
“منتحرمش ياسموره…….خدي بالك من نفسك وسلميلي على امك…..”
تنهدت وهي تدلف لشارع ومنه على المبنى القابعه
به الشقة الجديدة البسيطه التي أصبحت
ملكاً لهم بعد معاناة سنين في إدخار أموالها……..
وقفت امام الشقة وطرقت بقدمها وهي
تصيح بحنق…..
“افتحي يازوزو شيله على ايدي…..”
فتحت لها الباب والدتها…. سيدة بشوشة الوجه مكتنزة الجسد وقصيرة القامة…. جميلة الملامح
طيبة الروح……
“انتي جيتي ياسمر……”
“يازوزو بلاش الاسئلة دي بتعصبني….. شيلي معايا ايدي وجعتني…..” تاففت بضيق….
“ياحبيبتي… طب هاتي….. هاتي….” حملت عنها الاكياس بسرعة…
وضعت الأشياء بجوار الباب وهي تغلقه وتسأل
امها التي تدخل بالاشياء للمطبخ….
“زوزو…………احمد جه ولا لسه…..”
قالت زينب بقلق…
“مجاش…..راح يشوف النتيجه….انا قلبي وجعني أوي…..”
حاولت تهدئة أمها فقالت…
“وجعك من إيه بس…..مش هيسقط إبنك دحيح وكمان ذاكر كويس……”
“دي تالتة ثانوي ياسمر……..”
جلست على الاريكة وهي تقول بقلق اكبر منها
ولكنها بارعه في اخفاء ما يعتريها….
“ونبي متقلقنيش يأم سمر سيبني اضحك عليكي وعلى نفسي…….مش عايزه قعد على اعصابي لحد
مالاستاذ يبطل سرمحا ويجي يقولنا على النتيجة
اللي شبه وشه….”
“تفتكري نجح …..”خرجت والدتها من المطبخ وهي تسألها بقلق كالاطفال وكانها تستمد قوتها منها ليس العكس !……
تنهدت سمر وهي تستلقي على الاريكة بتعب…..
” هينجح يازوزو……… ادعيله انتي بس…. ”
رفعت والدتها يداها للأعلى وهي تقول بعفوية الأم..
“يارب نجحه…….هو ايوه بتاع بنات وصايع
……بس غلبان واللهِ………”
ضحكت سمر باستنكار معقبة….
“حرام عليكي….احمد غلبان دا الغلب غلب منه يازوزو ادعي من غير كدب عشان الدعوة تستجاب……”
رفعت يداها مرة اخرى وهي تقول بحرج…..
“هو ايو مش غلبان بس طيب وحنين….”
قاطعتها سمر هازئة….
“قوي علي يدي….. وبذات مع البنات اللي بيمشي معاهم….حنية إي وطيبة إيه…..ابن جمال فعلاً… ”
قالت زينب بحرج ودفاع عن ابنها الحبيب…
“ابوكي الله يرحمه كان كده في شبابه….متلوميش اخوكي دي وراثه…..”
غمزة لامها بلؤم….
“يعني جيمي كان بتاع بنات زمان…..”
اجابتها بحرج…..

 

 

 

“ماهو تاب…..”
غمغمت بحزن…..
“عندك حق تاب وبعدين مات……”
نظرت لها والدتها بحزن ويقين وهي تقول….
“ربنا يرحمه……..انا عارفه انك تعبتي و زهقتي….”
شردت سمر وهي تقول بجزع واضح….
“إذا كان على التعب فا ده فات اون الكلام فيه….
ولو على الزهق… فانا فعلاً زهقت ونفسي اوي يجي اليوم اللي تتغير فيه حياتنا للأحسن…..”
تنهدت امها بعمق وهي تقول لها بسلام نفسي….
“طالما مستورين يبقا متطمعيش فاكتر من
كده…… الحمدلله احنا احسن من غيرنا… ”
اومات بهدوء مبهم وهي تضع يدها في حقيبتها واخرجت منها مبلغ بسيط قائلة….
“خدي دول ياماما خلي دول معاكي ويومين كده وهديكي مصروف البيت…..”
تهللت ملامح زينب وهي تأخد المال من ابنتها…
“ربنا يخليكي ليا يابنتي ولا يحرمني منك ابداً…”
كانت سمر ستدخل غرفتها ولكنها توقفت وهي
تسأل والدتها بفضول….
“قوليلي ياماما…… هو خالي فين لسه نايم…..”
قالت والدتها بحنق من شقيقها الكبير الضائع في عالمه المظلم…..
“لا صحي ونزل على القهوة……. زي كل يوم….”
مطت سمر شفتيها بتفهم وهي تدلف لغرفتها لتاخذ قسط من الراحة….. اما والدتها فدخلت للمطبخ لتطهي الطعام التي جلبته لها سمر…..
_________________________________
بعد مدة وبعد اذان العصر خرجت سمر من غرفتها
وهي ترتدي فستان رقيق يصل لفوق كاحلها… عكست
شعرها المموج قليلاً على كتفها وهي تحمل حقيبتها
ونادت على والدتها بصوتٍ عالٍ…..
“زوزو….. انا خارجه…. عايزه حاجه من برا….”
خرجت زينب من المطبخ وهي تسألها عاقدة الحاجبين……
“راحه فين ياسمر…..الاكل لسه خالص… مش هتتغدي…… ”
نظرت سمر للثوب وهي تجيب عليها…
“اتغدا ازاي هو أحمد جه ولا خالي طلع…. انا راحه عند حنين هطمن عليها وعلى أمها…..”
سالتها والدتها بتعاطف….
“حنين….. صحيح امها عامله اي دلوقتي…. وحنين لسه برضو زي ماهي…..”
اجابتها سمر باستياء وهي ترتدي حذائها على باب الشقة…
“لسه شربه المُر وامها تعبانه وحياتها عماله تكعبل اكتر من الأول…… ربنا معاها ادعيلها ياماما….”
تنهدت زينب بحزن من أحوال الحياة المتقلبة على الجميع…….
“ربنا معاها يابنتي……. البت دي طول عمرها طالع عينها….. ويعيني عليها الحمل تقيل اوي عليها…..”
فتحت سمر الباب وهي تقول بعجله…
“امين يارب….. انا ساعة وجايه ماشي…..”
نزلت على سلالم المنزل المتهالك وهي تمسك هاتفها
وقبل ان ترسل اتصال لاخيها ‘أحمد’ وجدت هاتفها
يبعث اتصال برقم مجهول… اغلقت بدون ان ترد فهي تعرف من يكون ‘ماهر المحمدي’ اللزج…. عديم النخوه والرجوله… الخائن….. الوضيع…… الوغد…
المستغل….. الـ……
عضت على شفتيها بغيظ وهي توقف سيل افكارها وترفع الهاتف على اذنها لتجري محادثة باخيها….

 

 

 

 

فتح الخط فهتفت بحنق….
“انتَ فين……. وبكلمك من بدري مبتردش ليه….. انت بارد يالا….. عملت اي في النتيجة سقط…. والله لو سقط ياحمد لكون عمله منك……” بلعت كم الإهانة
القادم أليه…. تحول وجهها من التذمر الى السعادة
وهي تقول…..
“قول واللهِ ياحمد…. نجحت سته وتسعين….
انت كداب…….. بجد هديكي الحلاوة بس لم
تيجي وشوف النتيجة بعيني…. آآه مش بثق فيك
بصراحه….. ماشي يابشمهندس…. سلام…….استنى بقولك…. كلم زوزو طمنها هتموت من القلق عليك…. ماشي سلام ياهندسه…. ”
ضحكت بخفوت وهي امام مبنى المنزل تمتمت بحمد…..
“الحمدلله…. هانت خمس سنين والهم ينزاح من على قلبي……. يارب تنجح ياحمد بقه وتاخد الشهادة وتشيل عني شوية …. يارب……” رفعت عينيها
على المقهى الشعبي الذي يجلس به خالها ‘عارف’…كان رجل في عمر الستون عام……
قصير القامة ممتلاء الجسد قليلاً… ملامحه
دوماً متذمرة وحزينة وعينيه ضائعة تدفن حزن وحسرة عميقة لا يعرفها إلا هو وعائلته الصغيرة
التي هي عبارة عن اخته وابنائها (احمد) و (سمر)……
اقتربت منه سمر وجلست بجواره ببساطة وهي
تقول بمشاكسة بسيطه…
“عارف ياعارف…. ولا مش عارف انك وحشتني اكيد عارف صح……”
ابتسم وهو ينتبه لوجودها وينظر لها بحزن…
“لا عارف…..” ضحك بقوة لا تحكي عن مرح بل عن مرارة يخفيها خلف صدى ضحكته…..
سالته سمر بهدوء…
“خرجت من الصبح ومطلعتش ليه لحد دلوقتي… مش ناوي تتغدى معانا ولا إيه…. زوزو بتسأل عليك….”
“مليش نفس…..” وضع النارجيلة بفمه وسحب
منها ليخرج الدخان بتافف وضيق….
زمت شفتيها بجزع من تصرفاته….
“وبعدهالك ياحاج عارف….هتفضل كده كتير…مش ناوي تنسى وتفوق لنفسك……”
تمتم بحزن وهو يعاتبها بعيناه….
“انسى مين بنتي ومراتي……انسى مين ياسمر…”
أسبلت عينيها بحرج….
“ربنا يرحمهم انا مش قصدي تنسى…هما ربنا رحمهم
لكن انت ياخالي لسه عايش وبعدين تفتكر مرات خالي ونور لو موجودين كان هيبقى عجبهم الحاله
اللي انت فيها دي…عشان خاطري ياخالي هون على نفسك وفوق من اللي انت فيه ده….احنا محتاجينك جمبنا….”
ضحك بسخرية وهو يسحب من النارجيلة بسخط…
“محتاجني في إيه هو انا بعمل اي يعني مانا زيي زي الكرسي اللي قعد عليه……”ضحك باستخفاف مُر وأضاف…
“قال محتجاني قال….دا انتي راجل البيت بعد مابوكي مات…..حتى دي مقدرتش اعملها واشيل عنكم…….”ضحك بحسرة قوية……
هزت رأسها بتعب حقيقي….(عارف) كل ساعة بحال…
وبرغم من معنى اسمه إلا ان لا أحد يعرف ماذا أصابه بعد موت عائلته في حادث سيارة مشئوم فقد زوجته وابنته العروس ! وبقى هو رماد حي على وجه الأرض…… كل ساعة بحالاً جديد اوقات يمزح ويضحك… واوقات كئيب حزين…… اوقات يتحلى بصبر…. واوقات يثور بلا سبب ويتعب بينهم
فاقد الوعي… لكن المؤكد في كل تلك الحالات
انه يلجأ للبعد والجلوس في تلك المقهى ونفث
دخان النارجيلة والتحدث مع بعض العاطلين وتنتهي الامسية بنوم على الفراش مخمول الجسد والعقل…. وهذا هو عارف الملقب بالخال ! واين هو الخال وسط كل تلك الأشياء وصدمات….. ضاع في
زحام… وتلك انسب الاجابات لديها حينما تيأس وتحزن منه وعليه……..
نهضت وهي تقول بأستياء…..
“طيب براحتك…..انا راحه قعد مع حنين شويه…عايز حاجه اجبهالك وانا رجعه…..”
لم يرد عليها بل ظل مكانه ينظر للبعيد بشرود…
ابتعدت بدون اي كلمة اخرى وهي يائسة من كل شيء واي شيء……
آآه لو تبتسم لها الحياة وتعطي لها القليل من الأموال
لبدأت بحل مشاكلها ومشاكل من حولها بعض الأموال
لبدأ مشروع خاص بها…بعض الأموال لمساعدة احمد بدراسة وبعض الأموال لشراء شقه فخمة مثل تلك الشقق الثرية شكلا وفرشاً التي تدخلها لتقوم بخدمة اصحابها بعمل مساج او تقليم اظافر……

 

 

 

 

متى ستكون مثلهم…..ولي متى ستظل تطمع في
ان تكون مثلهم…….
رغماً عنها في مكنونات نفسها تتمنى ان تعيش وتكون مثلهم ببساطه لانها تراهم كل يوم وتعيش بينهم !….
صعدت على درج منزلهم القديم في ذلك المبنى التي تقطن به(حنين) صديقتها الوحيدة والتي تماثلها بالعمر ستة وعشرون عاماً….جيران واصدقاء من اول سنة دراسية حتى نهاية الحلم ومتابعة مشوار الشقاء على عائلتهم !…..حتى حنين والدها توفى بعد عدت سنوات من موت والد سمر ، لتبدأ كل واحده منهم البحث عن العمل المناسب لها وسط اغلال الحياة وقساوة البشر !…….
ابتسمت بحزن وهي تطرق على الباب وعيناها على باب شقه اخرى مجاورة لشقة حنين…. كانت شقتهم
قبل ان يرحلو لمكان آخر…. على اية حال بها ذكريات جميلة مع والدها ولكنها ليست اهل للثقة فأن لم يرحلون منها كانت سترحل وتتركهم فهي
إيجار !……
فتح الباب فطل امامها بشقاوة اربعة اولاد صغار قريبين من عمر بعض جداً…..
ابتسمت سمر وتساءلت بتوجس….
“اوعوا تقولولي انها لسه مرجعتش من المستشفى….”
رد اكبرهم بنفي وهو يصيح…..
“لا رجعت….ياحنين….ياحنين…سمر على الباب…”
ظهرت امامها فتاة مماثله لعمرها وطولها لكنها نحيفة اكثر منها وملامحها عادية لكن قسمات وجهها رقيقة وتحكي عن حنان وطيبة بها وبعض القوة التي اكتسبت معظمها في سباق الركض خلف لقمة العيش !…. كان شعرها منسدل على ظهرها بنعومة بني مثل لون عينيها ذات البني الداكن……….
قالت حنين بدهشة….
“سمر…..ادخلي وقفه كدا ليه على الباب……ادخلي…”
سالتها سمر بعتاب…
“تليفونك فاصل ليه ياحنين….”
“مانتي عارفه ان البطارية متزفته….ادخلي على الاوضه امي نايمه على الكنبة………”اشارت
لها على غرفة مغلقة ثم تابعت بصياح لصغار
الراكضين امامهم….
“انتوا رايحين فين قعده ذكره في صاله هنا….”
صاح اصغرهم بطفولة….
“سمر مجبتلناش حاجه حلوه معاكي….”
وبخته حنين بحدة…
“اسمها إبله ياقليل الادب وبعدين اي اللي انت بتقوله ده روح ذاكر أجري…..”
فتحت سمر سحابة حقيبة يدها واخرجت اربع قطع من الحلوى المغلفة وقالت بتوبيخ لحنين…
“اسكتي ياحنين ملكيش دعوه انتي…خد ياعبدالله ادي لكل واحد من اخواتك واحده…..وروح ذاكر
بقه انت وهما…….ماشي يابودي….”
“ماشي….”غمز لها الصغير وهو يركض على اخوانه بسعادة وحماس وكانه ربح شيءٍ ثميناً !….
هزت حنين رأسها بملل وهي تقول…..
“افضلي دلعيهم كده وكل بيطلع عليا في الآخر…”
” ياستي أعيش ودلعهم كمان هما اخواتي برضو …. جيبالك زيهم على فكره…. تعالي ندخل نكُلهم جوا ونرغي شوية…. “قالتها سمر وهي تفتح باب الغرفة التي اشارت عليها حنين في سابق……
ظهرت شبه ابتسامة على ثغر حنين فإن كانت الحياة قاسية ومُره كمرارة العلقم طوال تلك السنوات
معها ، فكان وجود سمر معها يحلي ولو قليلاً
من المرارة المتعلقة بحياتها دوماً !…
_________________________________
كان يسير هو واصدقائه على (كورنيش النيل)
هتف كرم بمزاح وهو جار احمد وصديقه منذ الصغر….
“الدحيح اللي فينا جاب سته وتسعين …. لا ويقولك إيه وهو طالع من الامتحانات انا حاسس اني هشيل مادة انا حاسس اني هعيد السنه وهو جايب امتياز في كل المواد…..”
كان احمد يسير على الأرض بفخر وبعد جملة كرم وجد نفسه يتعثر في شيءٍ ما وكاد ان يسقط لولا تمسكه في اخر لحظه…. جز على أسنانه وهو
يستقيم في وقفته قائلاً بضيق…..
“ياخربيت عين امك……. اي ياكرم في اي ياكرم… هتخيب ولا إيه اللي يشوفك يقول شايل مادة دانت
نقص عني درجتين بس…….”
ضحك يوسف باستخفاف وهو صديقهم الثلاث ولكن
مستواه الاجتماعي افضل منهم بمراحل…..
“وانا نقص عنا درجه تفتكرو الحاج فاروق هيرضا عني ويخلينا اقضي الاجازه برا مصر…..”
سأله احمد ببرود….
“ليه….. انتَ عملت اي مع أبوك…. في حد يبقا عنده اب مريش ويزعله… يشيخ اتقي الله بقه….”
ضيق يوسف عينيه وهو ينظر لاحمد بشك وسأله…
“يعني مش عشان هو ابويا وكده ؟….”
أجابه الآخر بفظاظة…
“لا طبعاً عشان هو اب مريش كفايه دي عندي هتقي الله وقتي… ”
هتف يوسف بتقزز…
“مادي حقير….”
لوح احمد بيده بعدم اهتمام وهو يسأله بفضول…
“قولي بقه ابوك مش عايز يسفرك تقضي الاجازه برا ليه……”
اخبره يوسف بتافف….
“ابداً…. حصلت مشكلة في البيت كده بسببي.. حلف بقه ياسيدي مفيش سفر برا مصر… وعاقبني انا واختي وقال إيه هنقضي الاجازه في الغردقه….”
صاح أحمد بصدمة….
“نهارد اسووس….. ابوس إيدك خلي أبوك يعاقبني معاكم…. هو في كده ياجدعان…… انا نفسي ابوي يطلع من الترب ويعاقبني العقاب ده…. وانت يازفت قوله عقاله ماحنا ولاد حته واحده…..” لكز كرم الذي ضحك بقوة ساخراً وهو ينظر ليوسف واضاف بجدية…..
“دا انا ابوي يايوسف لم بيجي يعاقبني مش بيوديني الغردقه لا………. دا بيلففني حول العالم…..”

 

 

 

 

أشار يوسف على كرم وهو يقول بحزن….
“شوفت ابوه بيلففه حول العالم…..هي دي الابهات ولا بلاش…. ”
أشار له احمد بيده ان يصبر قليلاً ثم اتجه بسؤاله الأهم لكرم…..
“كمل ياكرم ابوك بيلففك إزاي……”
رد كرم ببساطة مضحكة….
“هي دي محتاجه سؤال ياسطا بمروحة السقف طبعاً….. دا انا بشوف العالم كلها من فوق…. دا
انا من الفرحة بعملها على نفسي…. واللهِ يايوسف….”
نظر كرم الى يوسف الذي امتعض وجهه وهو يقول بضيق….
“الله يقرفكم…. انتوا عيال رخمه… مش عارف انا ماشي معاكم ليه أصلا……”
هتف أحمد بمزاح بارد….
“خلينا في المهم مش ناوي ابوك يتعصب اكتر ويعاقبني انا وكرم معاكم…..ولا اي ياكرم” نظر لكرم
الذي هتف بلهفة….
“اموت وتعاقب يايوسف…اموت كده وتعاقب من أبوك….”
صاح يوسف بجزع…
“تصدقوا بالله الكلام معاكم ممنوش فايده… انا موافق اتعاقب ولا اني قعد معاكم…..”
مسمسس احمد شفتيه بسخرية لكرم…
“اتعاقب ياخويا اتعاقب… ناس مش عجبها الغردقة وناس هتموت وتروح تعوم في الترعه مش عارفه…”
هتف كرم بحسد…
“ارزاق…..”
رد احمد بلؤم….
“ومقسمها الخلاق…….”
حاول يوسف تغير الموضوع بحنق….
“بقولك اي ياحمد معكش رقم نيفين….”
قال أحمد ببساطة وهو يخرج هاتفه…
“لا في ولاء تاخد…. ومعايا رقم اختها إيمي….”
عقد يوسف حاجبيه بصدمة….وهر يرفع اصبعين
في الهواء
“يخربيتك هي واختها بتكلمهم…… هما الاتنين….”
صاح احمد بتافف وكانه يعاني…
“ااه والله كلو دماغي….. واحده تكلم واحده تقفل لحد امبارح ناديت ايمي بولاء…. و ولاء بايمي….”
“احسن….. وعملت اي….” سأله يوسف بتشفي…..
رد احمد بايجاز…
“لغوشت على الحوار طبعاً… ماهي مش اول مرة اتلغبط في اسم واحده يعني بكلمها….”
برم يوسف شفتيه بسخرية…
“هتقولي مانتَ صايع قديم…..”
تدخل كرم في الحوار قائلاً…
“قديم وعلى تقيله…. الخبره كلها…..البوص بتاعنا ده اي رقم واحده تلقيه معاه…..”
رد يوسف بخبث…
“مش لدرجادي يعني ياكرم….”
هتف كرم بسرعة وحماس…
“طب اصبر اتقل… احمد انت معاك رقم سحر…”
رد احمد بسرعة…
“مدرسة الفيزياء….. آآه بكلمها بليل برضو….”
سأله كرم بفضول….
“ومدرسة الأحياء…. ”
رد أحمد بايجاز….
“لا دي اصبح بدري…..”
“ومدرس ال…..”
قاطعه احمد بنبرة تحذير…
“مدرس مين يالا هي هبت منك ولا إيه انا تخصص حريم فقط……”
عقب يوسف وهو يضحك عليه…
“لا وفخور بنفسه اوي…..”
رد احمد بفخر وهو يشاركه الضحك….
“امال اي ياجدع……. دول حلويات حياتي……”
عقب يوسف باستنكار…
“والله انت ما سالك وبكره تيجي اللي تتطلع
عينك…”
غير احمد مجرى الحديث قائلاً…
“اقفل على السيره دي… خلينا نروح انا هموت من الجوع….”
سأله كرم بفضول…
“انتو هتتغدى اي ياحمد……سألت أمك ”
أجابه أحمد باختصار…
“آآه دي اول حاجه بسألها اول ما برن عليها…. محشي وللحمه…… تيجي تأكل…..”

 

 

 

 

“لا انا امي عمله سمك…. هروح اكل سمك”أجابه
كرم واتجه بنفس السؤال ليوسف….
“وانت يايوسف هتاكل إيه…..”
“لم اروح هشوف…..”
رد احمد بمزاح ثقيل….
“لا دا مش زينا دا عايش على الميه الساقعه….”
ضحك يوسف بسخرية
“آآه حاجه زي كده…..يلا عشان نروح ياظريف منك ليه….. ” دفعهم يوسف امامه…. هتف احمد وهو يضحك على حنقه منهم….
“متزقش ياعم مروحين…….. ”
____________________________________
صعد على سلالم مبنى بيتٍ كبير ملكاً لوالده ولدى
عمه شقه به يعيش بها هو وزوجته وابنته
الوحيدة(حبيبة)…وهي طالبة في ثانوية العامة
في الصف الثاني…….
حك في لحيته النابته وهو يقف امام باب الشقه بطوله الفارع وجسده الضخم الرجولي ……استند على حائط بجوار الباب بتعب وانهاك من يوم عمل شاق ككل الأيام…يعمل على أحد الشاحنات الكبيرة لنقل بعض البضائع للتجار يذهب عند أذان الفجر
ويعود قبل الغروب بعد ان يفرغ جهده وصحته
في هذا العمل كالعادة….
طرق على باب الشقة وبعد ثواني فتحت والدته له
الباب وهي تقول بإبتسامة واسعه ووجه متهلل فرح……
“كويس انك جيت يابراهيم…..ادخل اخواتك البنات هنا وبيسالوا عليك…..”
حمحم إبراهيم بعدم ارتياح من نبرة صوت امه الغير طبيعية…..
“اخواتي هنا؟…..هو مش لسه يوم الجمعه بدري عليه ولا إيه……”كانت نبرته فظه وبها لمحة من الاقتضاب
قالت والدته بصوتٍ خافت معاتب…..
“وطي صوتك عشان اخواتك البنات ميزعلوش..ادخل سلم عليهم…”
دخل لصالون البيت وهو يحمحم بخشونة..ليرى
شقيقتيه يجلسان على الاريكة وينظرون
له بإبتسامة عريضة غير مريحة بالمرة بنسبة له
فهو يعرفهن اكثر من نفسه ……فبرغم من
زواج الإثنين والعيش بعيد عنه لسنوات
لايزال يحفظ حركاتهن على ظهر قلبه
فهو اكبرهم عمراً وهو أيضاً من حملهم
في صغرهم وعاش معهم مراحل عمرهم
حتى انتهى المطاف بزواج كلاً منهم على يداه، بعد عمل وجهد لإدخار أموال جهاز عرس كل واحده منهن…
هتفت رباب شقيقته بإبتسامة عريضة وهي تتقدم منه لتسلم عليه….
“اي يابرهيم هتفضل واقف كده كتير مش ناوي
تسلم علينا ولا إيه موحشنكش……”
هتفت رحمة شقيقته الثانية واصغرهم عمراً كذلك…

 

 

 

 

“شكلنا مش بنوحشه يا رباب مش كده ياهيما….”
“متشوفيش وحش يالمضه منك ليها….ها خير أرغى انا هفضل مستمع للنهاية…..”جلس إبراهيم على اقرب مقعد امامه وهو ينظر لهم باعين ثاقبة بل انحنى قليلاً ليسند احد ذراعيه على ركبته كحركة تدل على التأهب للقادم منهم والانتظار العميق
بصدر رحب…….
توترت الفتيات وهم ينظرون لبعضهن بتوجس ثم حوله تلك النظرات لامهم يسألوا المشاورة منها….
اشتركت والدته في الحرب وهي تنظر له بحنق
أم تعاني من تصلب دماغ ابنها العنيد في مسألة
مهمه كـ………………(الزواج)
قالت والدته بحنق امام شقيقتيه…
“من غير لف ودوران انا حكيت لاخواتك في التلفون عن اللي حصل إمبارح وعشان كده جم النهاردة يشوفه صرفه معاك……”
ارجع راسه للخلف وهو يبتسم بسخرية…
“آآه واللهِ انا حاسس ان الزيارة اللي بتبقا غير يوم الجمعة دي بتبقا وراها إنَ…….ماشي والمطلوب….”
صاحت رباب هاكمة وكانه أصبح داخل قاعة الحكم…
“تجوز طبعاً حبيبه هي دي محتاجه كلام…..بنت
عمك وهي اولى من الغريب…..”
أكدت رحمة على حديث رباب…
“ايوا يابراهيم بنت عمك وصغيرة وحلوه و لا
راحت ولا جت يعني مش زي بنات اليومين دول….”
رفع إبراهيم حاجبيه وكانه يفكر في حديثهم لا وبدأ يهز رأسه وكانه يفكر بعمق اكبر ثم قال بعد انتهى
رحمة…..
“خلصته ولا لسه في كلام تاني….”
صاحت والدته بقلب ينفطر من عناده معهم…
“انا لسه مخلصتش يابراهيم….حبيبة زي ماقالت
رحمه صغيرة وحلوه يابني دي هتبقى عامله شبه العجينه في إيدك هتشكلها زي مانت عايز…البت
من البيت للدرس ومن الدرس للمدرسة للبيت
عيبها اي بس حبيبة…… ولا انتَ عيبك إيه….
“اذا كان على اخواتك البنات اهم اتجوزه وكل واحده
في بيتها مع عيالها وجوزها….واذا كان على شقتك
فأهيه فوق مني جهزه وزي الفل وبرضو كانت حجتك
زمان وعملتلك كام جمعية وخليتك تعملها… ناقص
اي تاني……..مش ناقص غير العروسة يابراهيم واهيه موجوده……بنت عمك عرفنها وعرفانه
ولا هو لازم ندخل حد غريب بيتنا وخلاص يابن راضي….”
زفر بحنق وهو ينهض من مكانه بجزع….
“خلصتي الكلام يأم إبراهيم انا مش هتجوز عيله يوم ماتجوز هتجوز واحده قريبه من سني تكون
فاهمه و واعيه عشان اطبعها على طبعي وتستوعب وتفهمني بسرعة……. حبيبة لسه عيله صغيرة انا مرضاش اني اتجوزها لا دلوقتي ولا بعد ماتكمل
السن القانوني حتى……. ولو عمي حامد فكر بس يقعدها من المدرسة ويجوزها لاي حد انا اللي هقف في وشه……”
صاحت والدتها باستهجان….
“يسلام وانت متعرفش ان جواز البنات سُتره…..”
“عارف بس كل حاجه بتيجي في وقتها يام إبراهيم….. والكلام ده مبقش ينفع دلوقتي…حبيبة لسه عيله ولفرق اللي ما بيني وبينها عمر قد عمرها مره كمان…….. ”
برمت والدتها شفتيها بحنق فهي تعلم تلك النقطة جيداً فهو يكبرها بعدد سنين عمرها والجميع يعرف ذلك ولكن هي الانسب له من وجهة نظرهم فهي
ابنة عمه ! وهذا سبب كافي للزواج منها……
دخل غرفته واغلق الباب وخلع ملابسه ليقف عاري
الصدر بسراول قصير….. برم شفتيه هاكماً وهو يسمع كلامهم بالخارج عن نفس الموضوع..
“شكلنا مش هنخلص….” استلقى على الفراش بعد ان دلف للحمام واغتسل…..
اخرج زفير سأم وهو يسمع رحمة تقترح شيءٍ غبياً ليوافق…..عقب بجزع
“السهونه بتاعت البيت…..” سمع رباب تأكد الفكرة بمنتهى الغباء وبنفس الصوت المرتفع……عقب بفظاظة……”السوسه التانيه…..” كانت تلك الالقاب
ينادي بها عليهم عندما تحدث مصيبة بالبيت
او يتشاجر معهم على أشياء تافهه…. سمع صوت
أمه تقترح شيءٍ اخر بصوت لا يقل ارتفاع عنهم
وكانه غير متواجد في نفس البيت معهم…. زم
ابراهيم شفتيه وهو يعقب قبل ان يغمض عيناه بتعب….
“امي………… زعيمة العصابة…..”
______________________________________
هتفت سمر بدهشة وامتعاض….
“يالهوي ياحنين…. فركشتي خطوبتك…..”
قذفت حنين قشر اللب من فمها وهي تجلس بشرفة
الغرفة مع سمر واجابتها باقتضاب….
“هو اللي جه خد دهبه اول إمبارح…. كل ده عشان بقوله نأجل شويه عشان امي تعبانه…… وعلاج امي والبيت وخدين كل اللي بحوشه للجهاز بتاعي…… الواطي قالي هاتي الدهب وكل واحد يروح لحاله…. بعد سنتين خطوبة استندل ومقدرش يصبر عليا…..” برمت شفتيها وهي تقذف مابفمها بحسرة على حالها المتعثر دوماً باللعنة اسمها الفقر !…..

 

 

 

 

قضمت سمر قطعة من الشوكلاتة التي بين
يدها بضيق…..
“ولا تزعلي كلب وراح… أصلا هو لو كان راجل بصحيح كان محملكيش فوق طاقتك وكان قالك
نجيب المهم ونكمل الباقي لم نتجوز سوا…. دا لو
راجل وبيحبك بجد….”
قذفت حنين اللب وهي تقول باستنكار….
“لو بقه….. وبعدين انا لو مجبتش جهاز عدل امه واخواته وسلايفي كانوا هيتكلمه عليا…..”
عقبت سمر بسخرية…
“وحياتك حتى لو جبتي هيتكلمه… دانتي ربنا رحمك دي حماتك دي كانت وليه ارشانه هي وعيالها من رجاله لحريم…..”
ردت حنين بنزق وعدم مبالاة….
“اهو غار في داهيه…… مش هتصدقي سمعت ان خطب مين…..”
“يخربيته هو لحق؟؟؟…”
ردت حنين باستهزاء….
“هو ده بيضيع وقت…. تصوري خطب مين عشان يغظني….”
“مين يابت…..” مدت سمر يدها واخذت حبات من اللب وهي تنظر لها بفضول….
“سماح بنت شهيرة الخياطة اللي جمبنا….”
توسعت عينا سمر وعقبت بدهشة…
“بتهزري بجد؟…. احسن خليه يكفر عن ذنوبه شويه هو وامه…….. طالما خطب سماح يبقا انا ضمنت ان حقك راجع راجع….. سماح دي لو قالها عملتلنا غدى إيه النهاردة هتفتح دماغه…. دي معندهاش عقل
ايديها بترد قبل لسانها……”
قالت حنين بتشفي…
“احسن يستاهل….. شمتانه فيه……”
ضحكت سمر بقوة وهي تقول….
“وانا اكتر….. مكانش بينزلي من زور…..بركه انك سبتيه…. بصرة بقينا زي بعض….” مدت سمر كفها
فخبطت حنين عليه بكفها الاخرى وهي تضحك
بقوة وحين توقفان عن الضحك أخيراً لمحة سمر
من الشرفة سماح تمر من تحت البيت……
“وابااا سبيلي الطلعه دي …..” هتفت سمر وهي تستند على حاجز الشرفة بدلال وانوثه…
بسبسست بفمها المكتنز وهي تقول لسماح…..
“سموحه………….. سوسو ياعسل……”
رفعت سماح عينيها وهي تنظر لها بتهكم….
“في حاجه ياسمر…..”
قالت سمر بمكر وهي تنظر لها…
“أبداً ياروح سمر… حبيت اباركلك على الخطوبة….. ونصحك نصيحة اخت لاختها…. انتي عرفاني بحبك
أد إيه……”
سالتها سماح بتافف ووجه عابس…
“في اي ياسمر ما تقولي علطول ….”
اجابتها سمر بفتور خبيث….
“خدي بالك يابت من نفسك….. خطيبك مش سهل وانتي غلبانه زينا…. اوعي تأمني ليه…. لا هو ولا أمه
مانتي عارفاها بقه……” مالت سمر على الشرفة بخبث وهي تقول بصوتٍ منخفض…..
“الوليه بتعمل سحر ورجليها علطول عند ام ريهام الدجاله عرفاها طبعاً……” نفخت سمر في صدرها
بطريقة شعبية اصيلة وهي تكمل بمكر…..
“حابس حابس…. خدي بالك من نفسك يابت ياسماح…….. دول ناس بعيد عنك الخبث بيجري
في دمهم……”
قالت سماح بغضب….
“متقلقيش ياسمر انا واخده بالي كويس….. هي
حنين سبته ليه صحيح…..”
اجابتها سمر بخبث……
“عملنلها عمل يابت في رجل معزه…. وأول ما نفك سبته……يلا عقبال ما عملك يتفك انتي كمان وتخلصي منهم…. ”
بلعت سماح ريقها بخوف وهي تكمل سيرها بعقل متشتت…..
ضحكت سمر بقوة وهي تعود لجلستها وحنين تشاركها الضحك والتي كانت تختفي عن مرمى
ابصار سماح…..
“يخريبتك ياسمر دانتي مُصيبه…..”
“دلوقتي تروح تديله على دماغه وتفركش الخطوبة…”

 

 

 

 

 

قالت حنين وسط ضحكها العالي….
“مش هيحصل امها ماصدقت حد اتقدملها….”
“في داهيه اهوه هيكفر عن ذنوبه برضو….ولا تزعلي…. ”
“مين قالك اني زعلانه عشانه……”اختفت الضحكة بتدريج من على شفتيها وهي تقول بحزن….
“انا زعلانه على نفسي والدنيا اللي عماله تعاكسني……انا مبقتش عارفه الاقيها منين ولا منين…. من امي وتعبها وقلة الفلوس…ولا الاربع
عيال اللي مسئولين مني من بعد موت أبويا……كل حاجه عماله تتقفل في وشي والمرتب اللي باخده من المصنع اللي شغاله فيه بيعيشنا بالعافية….انت تعبت اوي وزهقت…..”
نظرت سمر للناحية الأخرى بحنق….
“مين سمعك كلنا زهقنا وقرفنا من كل حاجه في حياتنا…………وكله بيستغل الحوجه…….”
نظرت لها حنين بتفهم وهي تقول….
“ماهر برضو مش كده….”
“مين غيره هيسود ايامي وعيشتي …انا لولا الشغل والبقشيش اللي باخده من وراه انا كُنت تفيت
في وشه ومشيت……..بس انا محتاجه الشغل في البيوتي سنتر ده……انا بقا ليا زباين وناس بتطلبني بالاسم دا غير رزان هانم وكرمها معايا…… ربنا ياخدك ياماهر اقفلي على السيره دي انا كل مابفكر فيها عقلي بيلف ونفسي بيروح…….أوف “زفرت بحنق
وتعب حقيقي من كثرة التفكير في الأمر…
نظرت حنين على الشارع بالاسفل وهي تقول
بضياع….
” لو انا مكانك كُنت هتجوزه مش معقول تجيلي فرصه زي دي ورفض…… دي فرصة العمر…. ”
اجابتها سمر بسخط…
“فرصة عمر إيه؟….. دا جواز شهرين وقلب…. انا عارفه هو عايز إيه وانتي كمان عارفه…..”
قالت حنين بسأم وضياع واضح…
“مش مهم مش كل بتمنه….”
“بلاش تفكري بطريقه دي ياحنين هزعل منك بجد…..”رمقتها سمر بعتاب……اصرت حنين
على كلامها وقالت….
“لو جتلي الفرصة دي مش هرفض….”
“يارب ما تجيلك عشان عرفاكي مجنونه وهتعمليها….مش ده اللي يتباع ياحنين…دي حاجه متتقدرش بتمن….وبعدين انا لو فكرت اتجوز هتجوز راجل بجد…… فقير بقه ولا غني المهم انام في حضنه وانا مطمنه احبه ويحبني……لو هكلها بدقه بس ابقى مرتاحه معاه…..”
ضحكت حنين بسخرية…
“متضحكيش عليا بكلمتين لا بيودا ولا بيجيبوا…انتي ذات نفسك مش عايزه تسيبي الشغل عشان الملمين الزيادة اللي بيجولك منه….معقول هتكليها بدقه مع اللي بتحبيه….”
“آآه عشان ساعتها هكون انا وهو بس…وايوا انا خايفه اخسر الشغل ده عشان الفلوس اللي بتيجي من وراه بس مش عشاني عشان احمد وامي وخالي والبيت اللي مفتوح بالفلوس دي….”
نهضت سمر وهي تحمل حقيبة يدها وقد انهت
النقاش ببساطة فهي تعلم ان حنين تريد ان تجرحها
وتعري حقيقتها امام نفسها قبل ان يكون امامها….
عضت حنين على شفتيها بحرج وهي تقول…
“سمر استني…. انتي زعلتي ولا إيه انا مقصدتش….”
“هزعل منك ليه انتي عبيطه…. انا بس اتأخرت ولازم امشي زمان احمد رجع البيت هلحق اروح عشان اكلي لقمه قبل مايدخل اليل…… سلام يانونه….”
قبلتها سمر من وجنتها قبل ان ترحل…..
سمعت حنين اغلاق باب شقتها فظلت مكانها لثواني قبل ان تنتبه لورقتين من المال موضوعين على الطاولة الصغيرة التي كانت تجلس بجوارها سمر…
اخذتهم وهي تركض للخارج وكانت تنادي على سمر قبل ان تفتح باب الشقة….

 

 

 

 

 

“سمر…………. سمر…..”
صعدت سمر على السلالم وهي تقول بأستغراب….
“في اي ياحنين عايزه حاجة…..”
قالت حنين من وسط أنفاسه المتسرعة…..
“الفلوس دي نستيه في البلكونه او وقعت منك
مش عارفه….”
فتحت سمر حقيبتها بهدوء ثم نظرت فيها لثواني قبل ان ترفع عينيها مجدداً عليها وقالت…
“لا موقعتش مني…. شكلها فلوسك وانتي ناسيه…”
نزلت سمر عدة درجات… نادت عليها حنين بحنق…
“خدي فلوسك ياسمر….. دي تاني مره تعمليها
والمره الاولى عدتها و….”
قاطعتها سمر وهي تنهي الحديث بأختصار وسلام
باليد من بعيد…..
“وهتعديها المرادي كمان……. سلام يانونه….”
اختفت عن مرمى ابصارها لتنظر حنين للمال بحسرة وقبضت عليه بيدها باحتياج فهي كانت تحتاج لبعض الأموال لشراء مستلزمات غذائية للبيت….. وسمر
قرأت في عينيها ما يعجز على اللسان قوله…..
صديقي ظل معي ولا تتركني فأنت مني وانا
منك ، ولا تبتعد لقسوة قلبي فأنت العشم الذي
لا يمكن نسيانه !…..
_____________________________________
بعد ان دخل الحي الذي يسكن به حديثاً وبعد ان ودع صديقه الذي يسكن في الحي المجاور له..
وجد من تسير امامه ترتدي بنطال ضيق عليه كنزة
لا تقل عنه اغواء ولفت انظار… ترتدي حجاب يبرز نصف شعرها الأسود الناعم ….. تضع زينة مبالغ
فيها في عز النهار…..تتناقض مع حجمها وطولها
القصير وكذلك عمرها الذي لم يتجاوز السابعة
عشر !…..
وقفت مُنى امامه بحنق وهي تقول ببرود…
“مبتردش على تلفوناتي ليه؟…..” رمقته بمقت وزفرت بجزع…… “ماترد عليا ياحمد
ساكت ليه…….. ”
حك في شعره بحرج وهو يقف معها بقلب الحي واصبح تحت محيط انظار الجميع…..نظر لها بحدة
وهتف من تحت أسنانه
“انتي اتجننتي يامُنى…..انتي مش شايفه احنا وقفين فين والكل بيبص علينا…..”
نظرت حولها بحرج ولاحظت أخيراً اندفعها نحوه
ولكن حينما رأته لم تستطع تمييز ما تفعله إلا
بعد ان وقفت معه في قلب الحارة….قالت
بصوتٍ واهن
” طب اعمل إيه مانت مش بترد عليا……وياما تلفونك مقفول ياما مشغول اوصلك إزاي…..”
زفر بفظاظة وملل …فهو يكره فقرة الارتباط عاطفياً
باية فتاة يتكلم معها على الهاتف….. او يخرج حتى معها !…
لا يريد وعود….ولا يطلب وعود…. فلما تلك الأسئلة
والتعلق الاهوج به وبمكالماته العابرة إليها لِمَ؟!…
أخيراً رد عليها باقتضاب…….

يتبع..

لقراءة الفصل التالي : اضغط هنا

لقراءة الرواية كاملة اضغط على : (رواية غمرة عشقك)

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

زر الذهاب إلى الأعلى